للعشق وجوه كثيرة بقلم نورهان العشري
المحتويات
خلفه و هو يلتقط هاتفه و يجري مكالمه هاتفية ليقول بعد ثوان
هات أدهم و تعالولي عالقصر دلوقتي حالا
و بعدين يا علي من وقت ما رجعنا إسكندريه و انت حالك مش عاجبني هتفضل كدا كتير
كان هذا صوت فاطمة التي منذ ذلك اليوم عندما قرر على الرجوع إلي الإسكندريه فجأة وهي تراه على غير عادته مشتت و غاضب و متجهم الوجه ليخبرها قلبها بأن شيئا ما حدث معه و لكنها أبت التدخل إلا أنها لم تحتمل أن يكون
ماما بتقولي حاجه
جفل على إثر صوت والدته الذي اخرجه من شروده فلم يلحظ ما كانت تقوله فقد كان غارق في عالمه الخاص
مالك يا علي
مالي يا ماما
متغير من يوم ما كنا في القاهرة و خرجت و قلت شويه و راجع و جيت حالك متشقلب كدا ممكن اعرف حصل ايه
حصل إيه عند جدك خلاك كدا يا على
الټفت لها علي متفاجئا من ذكائها لتبتسم بهدوء و تقترب منه قائله
ابتسم علي و امسك بكفيها مقبلا إياهم وهو يقول بحب و نبرة يشوبها الأسف
حقك عليا يا ست الكل انا مكنتش عايز اضايقك أو أشغلك معايا
نظرت إليه فاطمه بنصف عين و هي تقول بتهكم
امتى ان شاء الله عموما احنا لينا قاعدة طويله عشان عنيك فيها كلام كتير يا سيادة الرائد
تحدث علي بمرح
دا إستجواب بقى
أضافت فاطمه بنبرة آمرة مصطنعة
بالظبط كدا اتفضل اقعد و قولي حصل ايه
انهت جملتها ثم امسكت بكفه و اجلسته بجانبها و اعطته إيماءة من رأسها بمعنى ان يبدأ بالحديث ليبتسم على طريقتها التي تجعلها و كأنها طفلته و ليست والدته ليبدأ حديثه من عمق المعاناة التي يشعر بها
مينفعش يكون تعبان و مروحلوش
صمت لثوان و صوره جده بذلك الضعف تشعره پألم لا يدري ما سببه ليتتابع بصوت حاول ان يكون ثابتا
دخلت لقيته نايم عالسرير و متعلقله خراطيم و محاليل بصراحه اټصدمت لما شفته متخيلتش ان كل القوة و الجبروت دي في لحظة تتحول لمنتهى الضعف اللي انا شفته فيه وقتها كان نفسي أسأله سؤال واحد كل جبروتك و قسوتك نفعوك دلوقتي بس فاجئني بكلامه
انا عارف يا علي ايه اللي بيدور في دماغك دلوقتي زمانك بتقول الراجل الضعيف دا هو اللي كان من كام سنه بس بيحاربنا و عايز ياخدنا من امنا
كان هذا صوت هاشم الرفاعي الجد الأكبر لعلي و قد اهتزت نبرة صوته من كثرة التعب فقد تمكن منه المړض ليشعر بأن أيامه علي وشك الإنتهاء فحاول ان يصلح بعضا من أخطائه ليقول پألم
انا عارف كل اللى بيدور في دماغك يا ابني و أنا استاهله و استاهل انك تشمت فيا
قاطعه علي و قد غص حلقه من كلمات جده و لكنه حاول الظهور بمظهر اللامبالاه
استغفر الله لو سمحت متقولش كدا مفيش شماته في المړض
ابتسم هاشم ابتسامه بطيئه فأي غرور قد اعماه ليبقي بعيدا عن أحفاده فقد شعر بأنه أضاع الكثير من الأشياء القيمه في هذه الحياة ليمد كفه المرتعش لعلي و عيناه يملؤها التوسل بألا يرد يده خالية ليتبادلا النظرات لمدة ليست قصيرة حتى شعر هاشم بالحزن فهاهو حفيده يرفض حتى الإقتراب منه و حين أوشك علي إعاده يده التقطها علي محاولا ألا يظهر أي ردة فعل و أخذ يقنع نفسه بأنه يفعل هذا لذكري والده و أيضا فإن أخلاقه تمنعه من أن يرد يد عجوز قد امتدت إليه ليضغط هاشم بكل ما يمتلك من قوة علي يد علي و قد فرت دمعه هاربه من عينيه تحكي مدى ندمه وأسفه وهو يقول
انا عارف إني مستهلش يا علي
صدقني يا ابني عارف بس انا طمعان في شهامتك و مروءتك و عايزك متحرمنيش من اني اموت وسط احفادي اللي اتحرمت منهم عمري كله بسبب جبروتي و غبائي
قطب علي جبينه فهل سيتجرأ و يطلب منه أن يبعدهم عن والدتهم مرة ثانية ليقول باستفهام غاضب
تقصد ايه
أقصد إن آن الأوان نتجمع مع بعض و نلم شملنا يا علي و تيجوا تعيشوا معايا في القصر و تاخدوا حق ابوكوا
ثار علي و هب من مكانه منفعلا
متابعة القراءة